للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك الحديث الآخر وأمثاله معناه ما ذكرناه أن من أظهر التوحيد والإسلام وجب الكف عنه إلى أن يتبين منه ما يناقض ذلك والدليل على هذا أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: «أقتلته بعد ما قال: لا إله إلا الله» وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله» هو الذي قال في الخوارج: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد» مع كونهم من أكثر الناس عبادة وتهليلًا وتسبيحًا، حتى أن الصحابة يحقرون أنفسهم عندهم، وهم تعلموا العلم من الصحابة فلم تنفعهم لا إله إلا الله، ولا كثرة العبادة، ولا ادعاء الإسلام لما ظهر منهم مخالفة الشريعة

ــ

قوله: " وكذلك الحديث الآخر وأمثاله" يريد بالحديث الآخر قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أمرت أن أقاتل الناس» إلخ، فبين رحمه الله تعالى أن معنى الحديث أن من أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين أمره، لقوله تعالى: فَتَبَيَّنُوا لأن الأمر بالتبين يحتاج إليه إذا كنا في شك من ذلك، أما لو كان قوله: " لا إله إلا الله " بمجرده عاصمًا من القتل فإنه لا حاجة إلى التبين، ثم استدل المؤلف رحمه الله لما ذهب إليه بأن الذي قال لأسامة: «أقتلته بعد أن قال: لا إله إلا الله» وقال: «أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله» ... " هو الذي أمر بقتال الخوارج وقال: «أينما لقيتموهم فاقتلوهم» مع أن الخوارج يصلون ويذكرون الله ويقرؤون القرآن، وهم قد تعلموا من الصحابة رضي الله عنهم ومع ذلك لم ينفعهم ذلك شيئًا؛ لأن الإيمان لم يصل إلى قلوبهم كما قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «إنه لا يجاوز حناجرهم» .

<<  <  ج: ص:  >  >>