للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن عمل بالتوحيد عملًا ظاهرًا وهو لا يفهمه، أو لا يعتقده بقلبه فهو منافق، وهو شر من الكافر الخالص لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [سورة النساء: الآية:١٤٥] . وهذه المسألة كبيرة طويلة تتبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس ترى من يعرف الحق ويترك العمل به لخوف نقص دنيا، أو جاه، أو مداراة لأحد، وترى من يعمل به ظاهرًا لا باطنًا فإذا سألته عما يعتقد بقلبه فإذا هو لا يعرفه ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله:

ــ

يعذر، وقد يعلم فيتنبه ويتعلم بخلاف المعاند المستكبر، ولهذا كان اليهود مغضوبًا عليهم لعلمهم بالحق وتركهم إياه، وكان النصارى ضالين لأنهم لم يعرفوا الحق، لكن بعد بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان النصارى عالمين فكانوا مثل اليهود في كونهم مغضوبًا عليهم.

يقول رحمه الله: فإن عمل بالتوحيد ظاهرًا أي باللسان والجوارح، ولكنه لم يعتقده بقلبه ولم يفهمه فإنه منافق، وهو شر من الكافر المصرح بكفره لقوله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} وهذا ظاهر فيمن كان معاندًا يعلم الحق ولكنه كرهه بقلبه ولم يطمئن إليه، ولم يستقر به، ولكنه أظهر الالتزام بالشريعة خداعًا لله ولرسوله وللمؤمنين، وأما من كان لا يفهمه بالكلية ولا يدري ولكنه يعمل كما يعمل الناس ولم يتبين له ذلك الشيء الذي يعملونه والمقصود منه، فإن الواجب أن يبلغ ويعلم، فإن أصر على ما هو عليه من إنكاره بقلبه فهو منافق.

بين رحمه الله أن هذه المسألة مسألة كبيرة طويلة يعني أن تتبعها يطول بواسطة أن كثيرًا من الناس قد يأبى الحق خوفًا من أن يلام عليه، أو رجاء لجاه أو دنيا، فيحتاج أن يتتبع أحوال الناس ويعرفها تمامًا حتى

<<  <  ج: ص:  >  >>