واعلم أن الشرك خفي جدًا وقد خافه خليل الرحمن وإمام الحنفاء كما حكى الله عنه:{وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} . وتأمل قوله: وَاجْنُبْنِي ولم يقل: "وامنعني" لأن معنى اجنبني أي اجعلني في جانب وعبادة الأصنام في جانب، وهذا أبلغ من امنعني لأنه إذا كان في جانب وهي في جانب، كان أبعد، وقال ابن أبي مليكة:"أدركت ثلاثين من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كلهم يخاف النفاق على نفسه"، وقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لحذيفة بن اليمان:"أنشدك الله هل سماني لك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع من سمى من المنافقين" مع أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بشره بالجنة ولكنه خاف أن يكون ذلك لما ظهر لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أفعاله في حياته، فلا يأمن النفاق إلا منافق، ولا يخاف النفاق إلا مؤمن، فعلى العبد أن يحرص على الإخلاص وأن يجاهد نفسه عليه قال بعض السلف:"ما جاهدت نفسي على شيء ما جاهدتها على الإخلاص" فالشرك أمره صعب جدًا ليس بالهين ولكن الله ييسر الإخلاص على العبد وذلك بأن يجعل الله نصب عينيه فيقصد بعمله وجه الله.