الصحابة في هذه الأمة، وإن كان التابعون من هذه الأمة من حيث كمال الدين أفضل ممن صحبوا الأنبياء السابقين، فإن أصحاب الأنبياء قاموا بما كلفوا به من الكمال في أديانهم مع صحبة أنبيائهم. والله أعلم.
فإذا نهت الشريعة عن مشابهة الأعاجم دخل في ذلك ما كان عليه الأعاجم الكفار قديمًا وحديثًا، وما كان عليه الأعاجم المسلمون مما لم يكن عليه السابقون الأولون، كما يدخل في مسمى الجاهلية العربية ما كان عليه أهل الجاهلية قبل الإسلام وما عاد إليه كثير من العرب من الجاهلية التي كانوا عليها.
وأيضًا فإن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي، وجعل رسوله مبلغًا عنه الكتاب والحكمة باللسان العربي، وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان وصارت معرفته من الدين واعتياد التكلم به أسهل على أهل الدين في معرفة دين الله وأقرب إلى إقامة شعائر الدين وأقرب إلى مشابهتهم للسابقين الأولين من المهاجرين والأنصار في جميع أمورهم.
١٦٣- العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله ويكرهه، ولذا جاءت الشريعة بلزوم عادات السابقين في أقوالهم وأعمالهم وكراهة الخروج عنها إلى غيرها من غير حاجة، فحاصله أن النهي عن التشبه بهم إنما كان لما يفضي إليه من فوت الفضائل التي جعلها الله للسابقين الأولين أو حصول النقائص التي كانت في غيرهم.