يشتق منه اسم دون غيره، لكن لا يلزم من ذلك أن نثبت له اسما بأنه متكلم كما سبق، ويلزم أن لا يجعله مخلوقا في غيره خلافا للجهمية، حيث زعموا أنهم أثبتوا الكلام وجعلوه مخلوقا فإنه يلزم من كلامهم نفي الكلام عن الله، كما نفاه متقدموهم.
فائدة:
قال في ص ١٣٨: فالتزموا (أي المعتزلة) لذلك أن لا يكون لله علم، ولا قدرة، وأن لا يكون متكلما قام به الكلام، بل يكون القرآن وغيره من كلامه- تعالى- مخلوقا خلقه في غيره، ولا يجوز أن يرى لا في الدنيا ولا في الآخرة. ولا هو مباين للعالم، ولا مجانبة، ولا داخل فيه، ولا خارج عنه، ثم قالوا أيضا: لا يجوز أن يشاء خلاف ما أمر به ولا أن يخلق أفعال عباده ولا يقدر أن يهدي ضالا أو يضل مهتديا، لأنه لو كان قادرا على ذلك وقد أمر به، ولم يعن عليه لكان قبيحا منه، فركبوا عن هذا الأصل التكذيب بالصفات والقدرة، إلى أن قال: وأصل ضلالهم في القدر أنهم شبهوا المخلوق بالخالق سبحانه، فهم مشبهة الأفعال.
وأما أصل ضلالهم في الصفات، فظنهم أن الموصوف الذي تقوم به الصفات لا يكون إلا محدثا. وقولهم من أبطل الباطل فإنهم يسلمون أن الله حي عليم قدير، ومن المعلوم أن حيا بلا حياة وعليما بلا علم وقديرا بلا قدرة، مثل متحرك بلا حركة، وأبيض بلا بياض، وأسود بلا سواد، وطويل بلا طول، وقصير بلا قصر، ونحو ذلك من الأسماء المشتقة التي يدعى فيها نفي المشتق منه وهذه مكابرة للعقل، والشرع، واللغة.