لكن سميت هذه الوصايا بالوصايا العشر لأن الله- تعالى- جمعها في مكان واحد وكان يختم كل وصية منها أو كل آية منها بقوله تعالى:{ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ}[سورة الأنعام، الآية: ١٥١] .
إن الوصية هي العهد بالشيء عهدا مؤكدا، فكأن الله- تعالى- عهد إلينا بهذه الأشياء عهدا مؤكدا محتما علينا فبدأ:-
بقوله- عز وجل-: {قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ}[سورة الأنعام، الآية: ١٥١] . والخطاب هنا للرسول- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمره الله- تعالى- أن يقول هذا القول للناس عموما. وأمر الله- عز وجل- لرسوله أن يقول للناس هذا هو أمر خاص وإلا فإن الله- تعالى- قد أمر نبيه على وجه عام أن يبلغ القرآن لكل الأمة.
{مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} أي ما حرم ربكم عليكم مخالفته، فهذه الأشياء التي سيوصي بها الله قد حرم الله علينا مخالفتها، فلا بد أن نقوم بها على الوجه الأكمل وفي قوله تعالى:{مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ} ولم يقل: ما حرم الله لأن الرب هو الذي له التصرف المطلق في المربوب فالرب هو الرب ويقابله العبد كما قال الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}[سورة الفاتحة، الآية:١] فوصف الله نفسه بأنه رب للعالمين كلهم، والرب هو الذي يملك أن يتصرف فيهم بما شاء من الأمر الكوني والأمر الشرعي.