«ماذا؟ قال أمك. ثم قال ماذا؟ قال: أمك. ثم ماذا، قال: أبوك»(١) وذلك لأن الأم تعاني من الولد أشد مما يعاني الأب. قال الله تعالى {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ}[سورة لقمان، الآية: ١٤] .
والإحسان إلى الوالدين يكون بالقول ويكون بالفعل ويكون بالمال. الإحسان بالقول أن يقول لهما قولا لينا لطيفا كريما بحيث يناديهما مناداة إجلال وتعظيم حتى إن بعض العلماء قال: يكره أن ينادي الإنسان أباه باسمه مثلا إن كان أبوك اسمه محمد لا تقول: يا محمد قل: يا أبتي، إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه - وأبوه كافر - يقول له:{يَاأَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ} لأن هذا من باب الإكرام، حتى إذا بلغ الوالدان سنا كبيرا يحصل منه شيء من التعب فإن الله تعالى يقول:{إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا}[سورة الإسراء، الآية: ٢٣] .
بعض الناس إذا كبر الوالد عنده أو الأم مل منهما وصار ينهرهما وصار يقول لهما قولا خشنا، الله ينهى عن ذلك {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} معنى (أف) يعني أتضجر منكما {وَلَا تَنْهَرْهُمَا} بالقول في الصراخ أو العتاب أو ما أشبه ذلك {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} لينا لطيفا تقر به أعينهما. هذا الإحسان بالقول إننا نرى بعض الناس يلين بقوله مع زوجته ولا يلين بقوله مع أمه، وهذا مشاهد تجده مع الزوجة يلين لها ويخضع لها ولا ينهرها لكنه مع أمه بالعكس بل مع أبيه إن تمكن وهذا خلاف ما أمر الله به.
الإحسان بالفعل يكون بالخدمة والقيام بمصالحهما. الخدمة البدنية
(١) البخاري: كتاب الأدب. باب من أحق الناس بحسن الصحبة،ومسلم: كتاب البر والصلة: باب بر الوالدين.