للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الأول الذي سببه الفقر فكانوا يقتلون الذكور والإناث: إذا جاءه ولد وهو فقير قال: هذا سيثقل كاهلي في الإنفاق فيقتله والعياذ بالله، أما الآخر الذي سببه العار فهؤلاء يقتلون الإناث دون الذكور. {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [سورة النحل، الآيتان:٥٨- ٥٩] .

يقول الله عز وجل: لا تقتلوا أولادكم من الفقر. إذًا يبقون ولو كان الأب فقيرا لأن رزقهم على الله عز وجل: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} . فإن قتل ولده فهل يقتل؟ لو أن رجلا فقيرا جاءه ولد ذكر أو أنثى فقتله لأنه لا يجد ما ينفق عليه فهل يقتل الأب أو لا يقتل؟

قال بعض أهل العلم: إنه يقتل إذا علمنا أنه تعمد القتل يقتل لعموم قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [سورة البقرة، الآية: ١٧٨] . وقوله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا} أي على بني إسرائيل في التوراة، {أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة» . (١)

قالوا: ولأن الرجل إذا قتل ولده جمع بين عدوانين: عدوان القطيعة وعدوان القتل فيقتل وهذا مذهب الإمام مالك رحمه الله.

لكن أكثر أهل العلم يقولون: إن الوالد إذا قتل ولده لا يقتل، واستدلوا بحديث مشهور عند أهل العلم «لا يقتل والد بولده» (٢) ولكن هذا


(١) البخاري: كتاب الديات: باب قوله تعالى: (أن النفس بالنفس..) ومسلم: كتاب القسامة: باب ما يباح به دم المسلم.
(٢) أخرجه الإمام أحمد ج ١ ص ٤٩ / والترمذي: كتاب الديات: وابن ماجه: كتاب الديات

<<  <  ج: ص:  >  >>