بهذه الحال حيث قال:{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ} لما علم المسلمون أن الكثرة لن تغني شيئا واستقر ذلك في نفوسهم تراجعوا ثم جعل الله لهم النصر في آخر الأمر، إذًا يجب علينا أن نعتقد أننا ما أوتينا من قوة في العدد أو العدد يجب أن نعتقد أنه سبب من الأسباب وأن الأمر بيد الله عز وجل وأن من لا ينصره الله فلا ناصر له حتى لا نعتمد على القوة وحتى لا نركن إلى الدعة والسكون، لأن الإنسان إذا اعتمد على قوته والكثرة في العَدَد والعُدَد فإنه لن ينشط على القتال، ولن ينشط على الأهبة والاستعداد، لأنه يرى نفسه غالبا بسبب ما عنده من الكثرة ولهذا يجب علينا أن نكون دائما معتصمين بالله مستعينين به.
المثل الثاني: في غزوة أحد (١) كان النصر في أول الأمر للنبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه، ولكن حصل منهم معصية واحدة وهي مخالفة الرماة جعلهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، في ثغر من الجبل وقال لهم:«لا تبرحوا مكانكم» لكن القوم لما رأوا أن المسلمين هزموا الكفار ظنوا أن لا رجعة للكافرين فتقدموا يقولون: الغنيمة، الغنيمة فماذا حصل؟ حصل أن استشهد من المؤمنين سبعون رجلا، وجرح الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في وجنته وكسرت رباعيته وأغمي عليه، وحصل ما حصل من التعب