وقد قال علماء التفسير: إن الغالب في السور المكية بل في الآيات المكية أن يوجه النداء فيها إلى الناس عموما بخلاف النداء في الآيات المدنية فإن النداء يكون فيها موجها للمؤمنين {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} ، وهذه من العلامات الفارقة بين السور المكية والسور المدنية لكنها ليست دائما إذ قد وجد في سورة البقرة وهي مدنية {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} المهم أن الله يقول: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} ما هذه النفس هل المراد بالنفس الجنس أو المراد بالنفس العين إن قلنا: المراد بالنفس العين فهو آدم ولهذا قال: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} .
وإذا قلنا:المراد بالنفس الجنس كما في قوله تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} صار المعنى أننا بني آدم كلنا جنس واحد لا يختلف أحدنا عن الآخر وأيا كان فإن الله تعالى يأمرنا بتقواه منبها على أنه يجب ألا يتقى إلا الله لأنه هو الذي خلقنا.
{وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ} ما معنى تساءلون به والأرحام أي تسأل الإنسان بالله، تقول: أسألك بالله كذا وكذا، والأرحام كانوا في الجاهلية يتساءلون بالأرحام فيقول: أسألك بالرحم التي بيني وبينك والقرابة والصلة أن لا تتسلط علي أو ما أشبه ذلك. {إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} وعلى قراءة النصب " والأرحام " يكون المعنى أن تتقي الأرحام فتقوم بما يلزم لها، من الصلة إن الله كان عليكم رقيبا، أما في الآية الثالثة فإن الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} ، اتقوا الله تعالى بجوارحكم وقولوا قولا سديدا أي صوابا.
{يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} فكل من قال قولا