للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله.

ــ

الأنبياء، وتم به البناء، كما وصف محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نفسه بالنسبة للرسل، كرجل بنى قصرًا وأتمه، إلا موضع لبنة، فكان الناس يأتون إلى هذا القصر ويتعجبون منه؛ إلا موضع هذه اللبنة، يقول: «فأنا اللبنة، وأنا خاتم النبيين» (١) ، عليه الصلاة والسلام.

" بالهدى ": الباء هنا للمصاحبة والهدى هو العلم النافع ويحتمل أن تكون الباء للتعدية، أي: إن المرسل به هو الهدى ودين الحق. "ودين الحق" هو العمل الصالح؛ لأن الدين هو العمل أو الجزاء على العمل، فمن إطلاقه على العمل: قوله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} [آل عمران: ١٩] ، ومن إطلاقه على الجزاء قوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ} [الانفطار: ١٧] . والحق ضد الباطل، وهو -أي الحق- المتضمن لجلب المصالح ودرء المفاسد في الأحكام والأخبار.

" ليظهره على الدين كله ": اللام للتعليل ومعنى " ليظهره "، أي: يعليه؛ لأن الظهور بمعنى العلو، ومنه: ظهر الدابة أعلاها ومنه: ظهر الأرض سطحها، كما قال تعالى: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: ٤٥] .

والهاء في "يظهره" هل هو عائد على الرسول أو على الدين؟ إن كان عائدًا على " دين الحق "؛ فكل من قاتل لدين الحق سيكون هو العالي. لأن الله يقول: " ليظهره "، يظهر هذا الدين على الدين كله، وعلى ما لا دين له فيظهره عليهم من باب أولى؛ لأن من لا يدين أخبث ممن يدين بباطل؛ فإذًا: كل الأديان التي يزعم أهلها أنهم على حق سيكون دين الإسلام عليها


(١) رواه البخاري/ كتاب المناقب/ باب خاتم النبيين - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم/ كتاب الفضائل/ باب ذكر كونه - صلى الله عليه وسلم - خاتم النبيين

<<  <  ج: ص:  >  >>