" في كتابه ": (كتابه) يعني: القرآن، وسماه الله تعالى كتابًا لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، ومكتوب في الصحف التي بأيدي السفرة الكرام البررة، ومكتوب كذلك بين الناس يكتبونه في المصاحف؛ فهو كتاب بمعنى مكتوب، وأضافه الله إليه؛ لأنه كلامه سبحانه وتعالى، فهذا القرآن كلام الله، تكلم به حقيقة؛ فكل حرف منه؛ فإن الله قد تكلم به وفي هذه الجملة مباحث:
المبحث الأول: أن من الإيمان بالله الإيمان بما وصف به نفسه:
ووجه ذلك أن الإيمان بالله - كما سبق - يتضمن الإيمان بأسمائه وصفاته؛ فإن ذات الله تسمى بأسماء وتوصف بأوصاف، ووجود ذات مجردة عن الأوصاف أمر مستحيل؛ فلا يمكن أن توجد ذات مجردة عن الأوصاف أبدًا، وقد يفرض الذهن أن هناك ذاتًا مجردة من الصفات لكن الفرض ليس كالأمر الواقع؛ أي أن المفروض ليس كالمشهود؛ فلا يوجد في الخارج - أي: في الواقع المشاهد - ذات ليس لها صفات أبدًا.
فالذهن قد يفرض مثلًا شيئًا له ألف عين، في كل ألف عين ألف سواد وألف بياض، وله ألف رجل، في كل رجل ألف أصبع، في كل أصبع ألف ظفر، وله ملايين الشعر، في كل شعرة ملايين الشعر ... وهكذا يفرضه وإن لم يكن له واقع؛ لكن الشيء الواقع لا يمكن أن يوجد شيء بدون صفة.
لهذا؛ كان الإيمان بصفات الله من الإيمان بالله، لو لم يكن من صفات الله إلا أنه موجود واجب الوجود، وهذا باتفاق الناس، وعلى هذا؛ فلا بد