للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مسائل الفقه الأكبر، فقه أسماء الله - تعالى - وصفاته.؟!

وأما الاحتمال الثالث (التردد في أمرهم) فإن من تدبر كتاب الله - تعالى - طالبًا الهدى منه، وتدبر ما ثبت من سنة رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بهذا القصد تبين له الحق، واتضح له أن طريق السلف هو الصواب والهدى، وأنه هو الذي يمكن أن نرد به شبه المبطلين، ونسد به سبل الزائغين، وأنه هو المحجة الساطعة والبرهان القاطع. وقد سبق في كتابنا هذا بيان أن أهل التأويل من المعتزلة وغيرهم احتجوا لباطلهم بطريق الأشاعرة، وأن طريق الأشاعرة كانت حجة لهم حيث احتج أولئك المعتزلة وغيرهم عليهم بما احتجوا به (أعني الأشاعرة) لأنفسهم فقالوا: إذا كان طريق إثبات الصفات عندكم العقل فما لم يدل عليه العقل صرفتموه عن ظاهره فإننا نحتج عليكم به فإن عقولنا لا تقتضي إثبات الصفات التي أثبتموها فنحن نصرف نصوصها عن ظاهرها كما أنكم فعلتم ذلك مع أهل السنة فقلتم: إن عقولنا لا تقتضي إثبات ما زاد على الصفات السبع التي نثبتها فنحن نصرف نصوصها عن ظاهرها.

وإذا تبين أن طريق السلف هو الحق والهدى والحجة فلماذا نتردد في طريق من خالفه، ونتذبذب في الحكم عليهم؟ إن الدين، والعقل، والحزم والشجاعة كلها تقتضي أن نقول للحق: هو حق، ولما خالفه: هو ضلال، مهما كان القائل به كمًّا أو كيفًا، ليبين الحق ويتميز، فيعبد الناس ربهم على بصيرة ويدعوا إليه على بصيرة.

إنكم لو تأملتم طريقة الأشاعرة في باب أسماء الله - تعالى - وصفاته حق التأمل لتبين لكم أنه لا وجه للتردد في شأنهم ولا لتهيُّب إبطال طريقتهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>