في هذا الحديث: إثبات الفرح لله عز وجل؛ فنقول في هذا الفرح: إنه فرح حقيقي، وأشد فرح، ولكنه ليس كفرح المخلوقين.
الفرح بالنسبة للإنسان هو نشوة وخفة يجدها الإنسان من نفسه عند حصول ما يسره، ولهذا تشعر بأنك إذا فرحت بالشيء كأنك تمشي على الهواء، لكن بالنسبة لله عز وجل لا نفسر الفرح بمثل ما نعرفه من أنفسنا؛ نقول: هو فرح يليق به عز وجل؛ مثل بقية الصفات؛ كما أننا نقول: لله ذات، ولكن لا تماثل ذواتنا؛ فله صفات لا تماثل صفاتنا؛ لأن الكلام عن الصفات فرع عن الكلام في الذات.
فنؤمن بأن الله تعالى له فرح كما أثبت ذلك أعلم الخلق به، محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأنصح الخلق للخلق، وأفصح الخلق فيما ينطق به عليه الصلاة والسلام.
ونحن على خطر إذا قلنا: المراد بالفرح الثواب؛ لأن أهل التحريف يقولون: إن الله لا يفرح، والمراد بفرحه: إثباته التائب، أو: إرادة الثواب؛ لأنهم هم يثبتون أن لله تعالى مخلوقا بائنا منه هو الثواب، ويثبتون الإرادة؛ فيقولون في الفرح: إنه الثواب المخلوق، أو إرادة الثواب.
ونحن نقول: المراد بالفرح: الفرح حقيقة؛ مثلما أن المراد بالله عز وجل: نفسه حقيقة، ولكننا لا نمثل صفاتنا بصفات الله أبدا.
ويستفاد من هذا الحديث مع إثباته الفرح لله عز وجل، كمال رحمته جل وعلا ورأفته بعباده؛ حيث يحب رجوع العاصي إليه هذه المحبة العظيمة، هارب من الله، ثم وقف ورجع إلى الله، يفرح الله به هذا الفرح العظيم.