كل شيء " وهذا التعميم بعد التخصيص؛ لئلا يتوهم واهم اختصاص الحكم بما خصص به. وانظر إلى قوله تعالى:{إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ}[النمل:٩١] ؛ حيث قال:{وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ} ؛ حتى لا يظن ظان أنه ليس ربا إلا لهذه البلدة.
" فالق الحب والنوى "؛ حب الزرع. و" النوى "؛ نوى الغرس؛ فالأشجار التي تخرج: إما زروع أصلها الحب، وإما أشجار أصلها النوى؛ فما للأشجار يسمى نوى، وما للزروع يسمى حبا؛ {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى}[الأنعام:٩٥] .
هذا الحب والنوى اليابس الذي لا ينمو ولا يزيد، يفلقه الرب عز وجل؛ أي: يفتحه حتى تخرج منه الأشجار والزروع، ولا يستطيع أحد أن يفعل ذلك؛ مهما بلغ الناس في القدرة؛ ما استطاعوا أن يفلقوا حبة واحدة أبدا والنوى كذلك الذي كالحجر؛ لا ينمو، ولا يزيد؛ يفلقه الله عز وجل، وينفرج، ثم منه الغريسة التي تنمو، ولا أحد يستطيع ذلك؛ إلا الذي فلقها سبحانه وتعالى.
ولما ذكر الآية الكونية العظيمة؛ ذكر الآيات الشرعية، وهي:
قوله:«منزل التوراة والإنجيل والقرآن» : وهذه أعظم كتب أنزلها الله عز وجل، وبدأها على الترتيب الزمني: التوراة على موسى، والإنجيل على عيسى، والقرآن على محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وفي هذا نص صريح على أن التوراة منزلة كما جاء في القرآن:{إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ}[المائدة:٤٤] ، وقال في أول سورة آل عمران:{نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ}[آل عمران: ٣ - ٤] .