ولا منافاة بين القرب والعلو؛ لأن الشيء قد يكون بعيدا قريبا؛ هذا بالنسبة للمخلوق؛ فكيف بالخالق؟ فالرب عز وجل قريب مع علوه، أقرب على أحدنا من عنق راحلته.
هذا الحديث فيه فوائد.
فيه شيء من الصفات السلبية: نفي كونه أصم أو غائبا؛ لكمال سمعه ولكمال بصره وعلمه وقربه.
وفيه أيضا أنه ينبغي للإنسان ألا يشق على نفسه في العبادة؛ لأن الإنسان إذا شق على نفسه؛ تعبت النفس وملت، وربما يتأثر البدن، ولهذا قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«اكلفوا من العمل ما تطيقون؛ فإن الله لا يمل حتى تملوا» .
فلا ينبغي للإنسان أن يشق على نفسه، بل ينبغي أن يسوس نفسه. إذا وجد منها نشاطا في العبادة؛ عمل واستغل النشاط، وإذا رأى فتورا في غير الواجبات، أو أنها تميل إلى شيء آخر من العبادات؛ وجهها إليه.
حتى أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمر من نعس في صلاته أن ينام ويدع الصلاة؛ قال:«فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه» .
ولهذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصوم حتى يقول القائل: لا يفطر، ويفطر حتى