إليه أن يخرج إلى بني قريظة الذين نقضوا العهد فندب النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أصحابه فقال:«لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة» . فخرجوا من المدينة إلى بني قريظة وأرهقتهم صلاة العصر فمنهم من أخر صلاة العصر حتى وصل إلى بني قريظة بعد خروج الوقت لأن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال:«لا يصلين أحد منكم العصر إلا في بني قريظة» . ومنهم من صلى الصلاة في وقتها، وقال: إن الرسول، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أراد منا المبادرة إلى الخروج ولم يرد منا أن نؤخر الصلاة عن وقتها - وهؤلاء هم المصيبون - ولكن مع ذلك لم يعنف النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أحدا من الطائفتين، ولم يحمل كل واحد على الآخر عداوة، أو بغضاء بسبب اختلافهم في فهم هذا النص، لذلك أرى أن الواجب على المسلمين الذين ينتسبون إلى السنة أن يكونوا أمة واحدة، وأن لا يحصل بينهم تحزب، هذا ينتمي إلى طائفة، والآخر إلى طائفة أخرى، والثالث إلى طائفة ثالثة، وهكذا، بحيث يتناحرون فيما بينهم بأسنة الألسن، ويتعادون ويتباغضون من أجل اختلاف يسوغ فيه الاجتهاد، ولا حاجة إلى أن أخص كل طائفة بعينها، ولكن العاقل يفهم ويتبين له الأمر.
فأرى أنه يجب على أهل السنة والجماعة أن يتحدوا حتى وإن اختلفوا فيما يختلفون فيه فيما تقتضيه النصوص حسب أفهامهم فإن هذا أمر فيه سعة ولله الحمد، والمهم ائتلاف القلوب واتحاد الكلمة ولا ريب أن أعداء المسلمين يحبون من المسلمين أن يتفرقوا سواء كانوا أعداء يصرحون بالعداوة، أو أعداء يتظاهرون بالولاية للمسلمين، أو للإسلام وهم ليسوا كذلك، فالواجب أن نتميز بهذه الميزة التي هي ميزة للطائفة الناجية وهي الاتفاق على كلمة واحدة.