للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما جمع بين ذلك في قوله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الآية. «وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للصحابة لما رفعوا أصواتهم بالذكر: " أيها الناس اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا، إن الذي تدعونه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» .

وما ذكر في الكتاب والسنة من قربه ومعيته لا ينافي ما ذكر من علوه وفوقيته؛ فإنه سبحانه ليس كمثله شيء في جميع نعوته، وهو علي في دنوه، قريب في علوه.

ــ

وأجيب عن ذلك بأن قوله: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [قّ:١٦] ؛ يعني: بملائكتنا، واستدل لذلك بقوله: {إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ} [قّ:١٧] ؛ فإن (إذ) ظرف متعلق بـ (أقرب) ؛ يعني: ونحن أقرب إليه حين يتلقى المتلقيان، وهذا يدل على أن المراد بقربه تعالى قرب ملائكته.

وكذلك قوله في المحتضر: {وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ} : المراد: قرب الملائكة، ولهذا قال: {وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ} [الواقعة: ٨٥] ، وهذا يدل على أن هذا القريب موجود عندنا، لكن لا نبصره، وهذا يمتنع غاية الامتناع أن يكون المراد به الله عز وجل؛ لأن الله في السماء.

وما ذهب إليه شيخ الإسلام؛ فهو عندي أقرب، ولكنه ليس في القرب بذاك.

قوله: " كما جمع بين ذلك ": المشار إليه القرب الإجابة.

"نعوته"؛ يعني: صفاته. هو علي مع أنه داني، قريب مع أنه عال، ولا تناقض في ذلك، وقد سبق بيان ذلك قريبا في الكلام على المعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>