للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما العذاب للكفار؛ فإنه دائم، ولا يمكن أن يزول العذاب عنهم؛ لأنهم مستحقون لذلك، ولأنه لو زال العذاب عنهم؛ لكان هذا راحة لهم، وهم ليسوا أهلا لذلك؛ فهم باستمرار في عذاب إلى يوم القيامة، ولو طالت المدة؛ فقوم نوح الذين أغرقوا ما زالوا يعذبون في هذه النار التي أدخلوا فيها، ويستمر عذابهم إلى يوم القيامة، وكذلك آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا.

وذكر بعض العلماء أنه يخفف عن الكفار ما بين النفختين، واستدلوا بقوله تعالى: {قَالُوا يَاوَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا} [يس:٥٢] ، ولكن هذا ليس بلازم؛ لأن قبورهم مرقد لهم، وإن عذبوا فيها.

أما عصاة المؤمنين الذين يقضي الله تعالى عليهم بالعذاب؛ فهؤلاء قد يدوم عذابهم وقد لا يدوم، وقد يطول وقد لا يطول؛ حسب الذنوب، وحسب عفو الله عز وجل.

والعذاب في القبر أهون من عذاب يوم القيامة؛ لأن العذاب في القبر ليس خزي وعار، لكن في الآخرة فيه الخزي والعار؛ لأن الأشهاد موجودون: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [غافر: ٥١] .

* فإن قال قائل: لو أن هذا الرجل تمزق أوصالا، وأكلته السباع، وذرته الرياح؛ فكيف يكون عذابه، وكيف يكون سؤاله؟ !

فالجواب: أن الله عز وجل على كل شيء قدير، وهذا أمر غيبي؛ فالله عز وجل قادر على أن يجمع هذه الأشياء في عالم الغيب، وإن كنا نشاهدها في الدنيا متمزقة متباعدة، لكن في عالم الغيب ربما يجمعها الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>