للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيره وشره

ــ

بخلاف من نسي القضاء والقدر؛ فإنه لا يستفيد هذه الفائدة.

الخير: ما يلائم طبيعة الإنسان؛ بحيث يحصل له به خير أو ارتياح وسرور، وكل ذلك من الله عز وجل.

والشر في القدر: ما لا يلائم طبيعة الإنسان؛ بحيث يحصل له به أذية أو ضرر.

* ولكن؛ إن قيل: كيف يقال: إن في قدر الله شرا؛ وقد قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الشر ليس إليه» ؟

فالجواب على ذلك أن يقال: الشر في القدر ليس باعتبار تقدير الله له، لكنه باعتبار المقدور له؛ لأن لدينا قدرا هو التقدير ومقدورا؛ كما أن هناك خلقا ومخلوقا وإرادة ومرادا؛ فباعتبار تقدير الله له ليس بشر، بل هو خير، حتى وإن كان لا يلائم الإنسان ويؤذيه ويضره، لكن باعتبار المقدور؛ فنقول: المقدور إما خير وإما شر؛ فالقدر خيره وشره يراد به المقدور خيره وشره.

ونضرب لهذا مثلا في قوله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا} [الروم:٤١] .

ففي هذه الآية بين الله عز وجل ما حدث من الفساد وسببه والغاية منه؛ فالفساد شر، وسببه عمل الإنسان السيئ، والغاية منه: {لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .

فكون الفساد يظهر في البر والبحر فيه حكمة؛ فهو نفسه شر، لكن

<<  <  ج: ص:  >  >>