للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك جواب آخر أشار إليه ابن القيم رحمه الله، وقال: الإنسان إذا فعل المعصية واحتج بالقدر عليها بعد التوبة منها؛ فلا بأس به.

ومعناه: أنه لو لامك أحد على فعل المعصية بعد أن تبت منها، وقلت: هذا بقضاء الله وقدره، وأستغفر الله وأتوب إليه. . . . وما أشبه ذلك؛ فإنه لا حرج عليك في هذا.

فآدم احتج بالقدر بعد أن تاب منه، وهذا لا شك أنه وجه حسن، لكن يبعده أن موسى لا يمكن أن يلوم آدم على معصية تاب منها.

ورجح ابن القيم قوله هذا بما «جرى للنبي عليه الصلاة والسلام حين طرق عليا وفاطمة رضي الله عنهما ليلة، فقال: " ألا تصليان؟ ". فقال علي رضي الله عنه: يا رسول الله! أنفسنا بيد الله؛ فإذا شاء أن يبعثنا؛ بعثنا. فانصرف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يضرب فخذه وهو يقول: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} [الكهف: ٥٤] » .

وعندي أن في الاستدلال بهذا الحديث نظرا، لأن عليا رضي الله عنه احتج بالقدر على نومه، والإنسان النائم له أن يحتج بالقدر؛ لأن فعله لا ينسب إليه، ولهذا قال الله تعالى في أصحاب الكهف: {وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ} [الكهف:١٨] ، فنسب التقليب إليه، مع أنهم هم الذين يتقلبون، لكن لما كان بغير إرادة منهم، لم يضفه إليهم.

والوجه الأول في الجواب عن حديث آدم وموسى -وهو ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية - هو الصواب.

* فإذا؛ لا حجة للجبري بهذا الحديث، ولا للعصاة الذين يحتجون

<<  <  ج: ص:  >  >>