والثاني يقول: أنا أمشي مع هذا الفاسق وأسلم عليه وأبش في وجهه وأدعوه عندي وأجيب دعوته وليس عندي إلا كرجل صالح.
والثالث يقول: هذا الفاسق أكرهه لفسقه وأحبه لإيمانه ولا أهجره إلا حيث يكون الهجر سببا لإصلاحه، فإن لم يكن الهجر سببا لإصلاحه بل كان سببا لازدياده في فسقه فأنا لا أهجره.
فنقول: الأول مفرط غالٍ - من الغلو - والثاني مفرط مقصر، والثالث متوسط.
وهكذا نقول في سائر العبادات ومعاملات الخلق، الناس فيها بين مقصر وغال ومتوسط.
ومثال ثالث: رجل كان أسيرا لامرأته توجهه حيث شاءت لا يردها عن إثم ولا يحثها على فضيلة، قد ملكت عقله وصارت هي القوّامة عليه.
ورجل آخر عنده تعسف وتكبر وترفع على امرأته لا يبالي بها وكأنها عنده أقل من الخادم.
ورجل ثالث وسط يعاملها كما أمر الله ورسوله:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ}«لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها خلقا آخر» . فهذا الأخير متوسط والأول غالٍ في معاملة زوجته، والثالث مقصر. وقس على هذه بقية الأعمال والعبادات.