لكن أهل السنة والجماعة يقولون: حتى مع هذا الأمر المستلزم لهذين المحذورين أو لغيرهما، فإنه يجب علينا طاعة ولاة الأمور، وإن كانوا عصاة، فنقيم معهم الحج والجهاد، وكذلك الجمع، نقيمها مع الأمراء، ولو كانوا فجارا.
فالأمير إذا كان يشرب الخمر مثلا، ويظلم الناس بأموالهم، نصلي خلفه الجمعة، وتصح الصلاة، حتى إن أهل السنة والجماعة يرون صحة الجمعة خلف الأمير المبتدع إذا لم تصل بدعته إلى الكفر؛ لأنهم يرون أن الاختلاف عليه في مثل هذه الأمور شر، ولكن لا يليق بالأمير الذي له إمامة الجمعة أن يفعل هذه المنكرات.
وكذلك أيضا إقامة الأعياد مع الأمراء الذي يصلون بهم، أبرارا كانوا أو فجارا.
وبهذه الطريق الهادئة يتبين أن الدين الإسلامي وسط بين الغالي فيه والجافي عنه.
فقد يقول قائل: كيف نصلي خلف هؤلاء ونتابعهم في الحج والجهاد والجمع والأعياد؟!
فنقول: لأنهم أئمتنا، ندين لهم بالسمع والطاعة: امتثالا لأمر الله بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النساء: ٥٩] . ولأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقوله: «إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها ". قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله؟ قال: " أدوا إليهم حقهم،»