للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويأمرون بالصبر عند البلاء

ــ

يأمرون ": قد يقال: إن هذه الكلمة تشمل أمر نفوسهم، لقوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣] ، فهم يأمرون حتى أنفسهم.

الصبر: هو تحمل البلاء، وحبس النفس عن التسخط بالقلب أو اللسان أو الجوارح.

والبلاء: المصيبة، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة ١٥٥- ١٥٦] .

فالصبر يكون عند البلاء، وأفضله وأعلاه الصبر عند الصدمة الأولى، وهذا عنوان الصبر الحقيقي، كما «قاله النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمرأة التي مر بها وهي تبكي عند قبر، فقال لها: " اتقي الله واصبري، قالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي ولم تعرفه، فقيل لها: إنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأتت النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فلم تجد عنده بوابين، فقالت: لم أعرفك، فقال: " إنما الصبر عند الصدمة الأولى» ، أما بعد أن تبرد الصدمة، فإن الصبر يكون سهلا، ولا ينال به كمال الصبر.

فأهل السنة والجماعة يأمرون بالصبر عند البلاء، وما من إنسان إلا يبتلى إما في نفسه وإما في أهله، وإما في ماله، وإما في صحبه، وإما في بلده، وإما في المسلمين عامة. ويكون ذلك إما في الدنيا وإما في الدين، والمصيبة في الدين أعظم بكثير من المصيبة في الدنيا.

فأهل السنة والجماعة يأمرون بالصبر عند البلاء في الأمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>