للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«يشرك به شيئا» أنه مجرد عن العبادة؛ لأن التقدير: من يعبده ولا يشرك به شيئا، ولم يذكر قوله: "من يعبده"؛ لأنه مفهوم من قوله: «وحق العباد» ، ومن كان وصفه العبودية؛ فلا بد أن يكون عابدا.

ومن لم يعبد الله ولم يشرك به شيئا؛ هل يعذب؟

الجواب: نعم، يعذب؛ لأن الكلام فيه حذف، وتقديره: من يعبده ولا يشرك به شيئا، ويدل لهذا أمران:

الأول: قوله: «حق العباد» ، ومن كان وصفه العبودية؛ فلا بد أن يكون عابدا.

الثاني: أن هذا في مقابل قوله فيما تقدم: «أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئا» ؛ فعلم أن المراد بقوله: «لا يشركوا به شيئا» ؛ أي: في العبادة.

قوله: «أفلا أبشر الناس» ، أي: أأسكت فلا أبشر الناس؟ ومثل هذا التركيب: الهمزة ثم حرف العطف ثم الجملة لعلماء النحو فيه قولان:

الأول: أن بين الهمزة وحرف العطف محذوفا يقدر بما يناسب المقام، وتقديره هنا: أأسكت فلا أبشر الناس؟

الثاني: أنه لا شيء محذوف، لكن هنا تقديم وتأخير، وتقديره: فألا أبشر؟ فالجملة معطوفة على ما سبق، وموضع الفاء سابق على الهمزة؛ فالأصل: فألا أبشر الناس؟ لكن لما كان مثل هذا التركيب ركيكا، وهمزة الاستفهام لها الصدارة؛ قدمت على حرف العطف، ومثل ذلك قوله تعالى: {أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} [الغاشية: ١٧] ، وقوله تعالى: {أَفَلَا يُبْصِرُونَ} [السجدة: ٢٧] ، وقوله تعالى: {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ} [الحج: ٤٦] .

والبشارة: هي الإخبار بما يسر.

وقد تستعمل في الإخبار بما يضر، ومنه قوله تعالى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}

<<  <  ج: ص:  >  >>