ورابع عشر: تقرير الحكم الشرعي وانتشال العقيدة الفاسدة التي رسخت في قلوب الناس من منع التزوج بزوجة ابن التبني، كما في قصة زينب فإن اقتناع الناس بالفعل أبلغ من اقتناعهم بالقول، وانظر اقتناع الناس بحلق النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رأسه في الحديبية ومبادرتهم بذلك حين حلق بعد أن تباطئوا في الحلق مع أمره لهم به.
وخامس عشر: التأليف وتقوية الصلة كما في أمر عائشة وحفصة، فإن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، شد صلته بخلفائه الأربعة عن طريق المصاهرة، مع ما لبعضهم من القرابة الخاصة، فتزوج ابنتي أبي بكر وعمر، وزوج بناته الثلاث بعثمان - وعلي رضي الله عن الجميع - فسبحان من وهب نبيه، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هذه الحكم، وأمده بما يحققها قدرًا وشرعًا، فأعطاه قوة الثلاثين رجلا، وأحل له ما شاء من النساء يرجي من يشاء منهن، ويؤوي إليه من يشاء، وهو سبحانه الحكيم العليم.
وأما عدم تزوجه بالواهبة نفسها، فلا يدل على أنه تزوج من سواها لمجرد الشهوة، وقضاء وطر النكاح.
وأما ابنة الجون فلم يعدل عن تزوجها بل دخل عليها وخلا بها، ولكنها استعاذت بالله منه، فتركها النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقال:«لقد عذت بعظيم فالحقي بأهلك» . ولكن هل تزوجها النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لمجرد جمالها وقضاء وطر النكاح أو لأمر آخر؟ إن كان لأمر آخر سقط الاستدلال به على أن النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كان يتزوج لمجرد قضاء الوطر، وإن كان لأجل قضاء الوطر فإن من حكمة الله - تعالى - أن حال بينه وبين هذه المرأة بسبب استعاذتها منه.