للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والظاهر أنه يريد أن يبين أن أول ما يكون هي الشهادة، وإذا كان كذلك؛ يكون (أول) مرفوعًا على أنه اسم يكون؛ أي: أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله.

قوله: (شهادة) الشهادة هنا من العلم، قال تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: ٨٦.] ؛ فالشهادة هنا العلم والنطق باللسان؛ لأن الشاهد مخبر عن علم، وهذا المقام لا يكفي فيه مجرد الإخبار، بل لا بد من علم وإخبار وقبول وإقرار وإذعان؛ أي انقياد.

فلو اعتقد بقلبه، ولم يقل بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله؛ فقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إنه ليس بمسلم بالإجماع حتى ينطق بها؛ لأن كلمة أشهد تدل على الإخبار، والإخبار متضمن للنطق، فلا بد من النطق؛ فالنية فقط لا تجزئ، ولا تنفعه عند الله حتى ينطق، والنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لعمه أبي طالب: (قل) ، ولم يقل: اعتقد أن لا إله إلا الله.

قوله: (لا إله) أي: لا معبود؛ فإله بمعنى مألوه؛ فهو فعال بمعنى مفعول، وعند المتكلمين: إله بمعنى آله؛ فهو اسم فاعل، وعليه يكون معنى لا إله؛ أي: لا قادر على الاختراع، وهذا باطل (١) ، ولو قيل بهذا المعنى؛ لكان المشركون الذين قاتلهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ موحدين؛ لأنهم يقرون به، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف: ٨٧.] ، وقال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر:٣٨.] .


(١) أنظر (ص ٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>