للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى الرأي الثاني معناها: والذين آمنوا أشد حبًّا لله من هؤلاء لأصنامهم؛ لأن محبة المؤمنين ثابتة في السراء والضراء على برهان صحيح، بخلاف المشركين؛ فإن محبتهم لأصنامهم تتضاءل إذا مسهم الضر.

فما بالك برجل يحب غير الله أكثر من محبته لله؟ ! وما بالك برجل يحب غير الله ولا يحب الله؟ ! فهذا أقبح وأعظم، وهذا موجود في كثير من المنتسبين للإسلام اليوم، فإنهم يحبون أولياءهم أكثر مما يحبون الله، ولهذا لو قيل له: احلف بالله؛ حلف صادقًا أو كاذبًا، أما الولي؛ فلا يحلف به إلا صادقًا.

وتجد كثيرًا منهم يأتون إلى مكة والمدينة ويرون أن زيارة قبر الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعظم من زيارة البيت؛ لأنهم يجدون في نفوسهم حبا لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كحب الله أو أعظم، وهذا شرك؛ لأن الله يعلم أننا ما أحببنا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا لحب الله، ولأنه رسول الله، ما أحببناه لأنه محمد بن عبد الله لكننا أحببناه لأنه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فنحن نحبه بمحبة الله، لكن هؤلاء يجعلون محبة الله تابعة لمحبة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إن أحبوا الله.

فهذه الآية فيها محنة عظيمة لكثير من قلوب المسلمين اليوم الذين يجعلون غير الله مثل الله في المحبة، وفيه أناس أيضًا أشركوا بالله في محبة غيره، لا على وجه العبادة الشرعية؛ لكن على وجه العبادة المذكورة في الحديث وهي محبة الدرهم والدينار والخميصة والخميلة، يوجد أناس لو فتشت عن قلوبهم؛ لوجدت قلوبهم ملأى من محبة متاع الدنيا، وحتى هذا الذي جاء يصلي هو في المسجد لكن قلبه مشغول بما يحبه من أمور الدنيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>