منها أية الإسراء: بين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين؛ ففيها بيان أن هذا هو الشرك الأكبر.
ــ
الثاني: إثبات الألوهية لله وحده؛ فلا بد من النفي والإثبات لتحقيق التوحيد؛ لأن التوحيد جعل الشيء واحدًا بالعقيدة والعمل، وهذا لا بد فيه من النفي والإثبات.
فإذا قلت: زيد قائم؛ أثبت له القيام ولم توحده، لكن إذا قلت: لا قائم إلا زيد؛ أثبت له القيام ووحدته به.
وإذا قلت: الله إله أثبت له الألوهية، لكن لم تنفها عن غيره؛ فالتوحيد لم يتم، وإذا قلت: لا إله إلا الله، أثبت الألوهية لله ونفيتها عما سواه.
قوله:(تفسير الشهادة) . الشهادة: هي التعبير عما تيقنه الإنسان بقلبه؛ فقول: أشهد أن لا إله إلا الله؛ أي: أنطلق بلساني معبرًا عما يكنه قلبي من اليقين، وهو أنه لا إله إلا الله.
قوله:(منها آية الإسراء) . وهي قوله تعالى:{أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ} . . . [الإسراء: ٥٧.] ؛ فبين فيها الرد على المشركين الذين يدعون الصالحين، وبين أن هذا هو الشرك الأكبر؛ لأن الدعاء من العبادة، قال تعالى:{ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}[غافر: ٦٠] ؛ فدل على أن الدعاء عبادة؛ لأن آخر الكلام تعليل لأوله، فكل من دعا أحدًا غير الله حيًا أو ميتًا؛ فهو مشرك شركًا أكبر.