للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.

ــ

قال المؤلف: (فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر) .

قوله: (لكلام الصحابة) ؛ أي: لقولهم، وهو كذلك؛ فالشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقا) (١) وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة؛ لأن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر، بخلاف الكبائر؛ فإنها تحت المشيئة.

الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة. هذا فيه نظر؛ لأن قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا» ليس بصريح أنه لو مات قبل العلم، بل ظاهره: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا» ؛ أي: بعد أن علمت وأمرت بنزعها.

وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل؛ فنقول: الجهل نوعان:

جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئا عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم؛ فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئا عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المقتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء؛ فإنه يعذر فيه، فان كان منتسبا إلى الإسلام؛ لم يضره، وإن كان منتسبا إلى الكفر؛ فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.


(١) مصنف عبد الرزاق (٨/٤٦٩) ، والهيثمي في (مجمع الزوائد) (٤/١٧٧) ، وقال: أخرجه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>