للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» ؛ أي: سدرة نعلق أسلحتنا عليها تبركا بها؛ فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الله أكبر) ، كبر تعظيما لهذا الطلب؛ أي: استعظاما له، وتعجبا لا فرحا به، كيف يقولون هذا القول وهم آمنوا بأنه لا إله إلا الله؟ !

لكن: (إنها السنن) ؛ أي: الطرق التي يسلكها العباد.

قوله: «قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} » ، أي: إن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قاس ما قاله الصحابة رضي الله عنهم على ما قاله بنو إسرائل لموسى حين قالوا: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة؛ فأنتم طلبتم ذات أنواط كما أن لهؤلاء المشركين ذات أنواط.

وقوله عليه الصلاة والسلام: (والذي نفسي بيده) المراد أن نفسه بيد الله، لا من جهة إماتتها وإحيائها فحسب؛ بل من جهة تدبيرها وتصريفها أيضا، ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها سبحانه وتعالى.

قوله: (لتركبن سنن من كان قبلكم) ، أي: لتفعلن مثل فعلهم، ولتقولن مثل قولهم، وهذه الجملة لا يراد بها الإقرار، وإنما يراد بها التحذير؛ لأنه من المعلوم أن سنن من كان قبلنا مما جرى تشبيهه سنن ضالة، حيث طلبوا آلهة مع الله؛ فأراد النبي عليه الصلاة والسلام أن يحذر أمته أن تركب سنن من كان قبلها من الضلال والغي.

والشاهد من هذا الحديث قولهم: «اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط» ؛ فأنكر عليهم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>