٤ - الإرصاد لمن حارب الله ورسوله يقال: إن رجلا ذهب إلى الشام، وهو أبو عامر الفاسق، وكان بينه وبين المنافقين الذين اتخذوا المسجد مراسلات، فاتخذوا هذا المسجد بتوجيهات منه، فيجتمعون فيه لتقرير ما يريدونه من المكر والخديعة للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه، قال الله تعالى:{وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى}[التوبة: ١٠٧] ؛ فهذه سنة المنافقين: الأيمان الكاذبة.
إن: نافية، بدليل وقوع الاستثناء بعدها، أي: ما أردنا إلا الحسنى، والجواب عن هذا اليمين الكاذب:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}[التوبة: ١٠٧] .
فشهد الله تعالى على كذبهم؛ لأن ما يسرونه في قلوبهم ولا يعلم ما في القلوب إلا علام الغيوب؛ فكأن هذا المضمر في قلوبهم بالنسبة إلى الله أمر مشهود يرى بالعين؛ كما قال الله تعالى في سورة المنافقين:{وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ}[المنافقون: ١] .
وقوله:{لَا تَقُمْ فِيهِ} ، لا: ناهية، وتقم: مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه السكون، وحذفت الواو؛ لأنه سكن آخره، والواو ساكنة؛ فحذفت تخلصا من التقاء الساكنين.
قوله: أبدا إشارة إلى أن هذا المسجد سيبقى مسجد نفاق.
قوله:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى} ، اللام: للابتداء، ومسجد: مبتدأ وخبره: {أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ} ، وفي هذا التنكير تعظيم للمسجد، بدليل قوله:{أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى}[التوبة: ١٠٨] ؛ أي جعلت التقوى أساسا له، فقام عليه.
وهذه الأحقية ليست على بابها، وهو أن اسم التفضيل يدل على مفضل ومفضل عليه اشتركا في أصل الوصف؛ لأنه لا حق لمسجد الضرار أن يقام