للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال بعض أهل العلم: لا يجب الوفاء بالنذر إلا إذا كان جنس الطاعة واجبا، وعموم الحديث يرد عليهم.

وظاهر الحديث أيضا يشمل من نذر طاعة نذرا مطلقا ليس له سبب، مثل: (لله علي أن أصوم ثلاثة أيام) .

ومن نذر نذرا معلقا، مثل: إن نجحت؛ فلله علي أن أصوم ثلاثة أيام.

ومن فرق بينهما؛ فليس بجيد لأن الحديث عام.

واعلم أن النذر لا يأتي بخير ولو كان نذر طاعة، «وإنما يستخرج به من البخيل» ، ولهذا نهى عنه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وبعض العلماء يحرمه، وإليه يميل شيخ الإسلام ابن تيمية للنهي عنه، ولأنك تلزم نفسك بأمر أنت في عافية منه، وكم من إنسان نذر وأخيرا ندم، وربما لم يفعل.

ويدل لقوة القول بتحريم النذر قوله تعالى: {وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ} [النور: ٥٣] ؛ فهذا التزام موكد بالقسم، فيشبه النذر.

قال الله تعالى: {قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ} [النور: ٥٣] ؛ أي: عليكم طاعة معروفة بدون يمين، والإنسان الذي لا يفعل الطاعة إلا بنذر، أو حلف على نفسه يعني أن الطاعة ثقيلة عليه.

ومما يدل على قوة القول بالتحريم أيضا خصوصا النذر المعلق: أن النادر كأنه غير واثق بالله عز وجل؛ فكأنه يعتقد أن الله لا يعطيه الشفاء إلا إذا أعطاه مقابله ولهذا إذا أيسوا من البرء ذهبوا ينذرون، وفي هذا سوء ظن بالله عز وجل.

والقول بالتحريم قول وجيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>