للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره

لا يجبر الناس عظما أنت كاسره ... ولا يهيضون عظما أنت جابره

قوله: {يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} ، أي: يلتجئون إليهم مما يحاذرونه، يظنون أنهم يعيذونهم، ولكن زادوهم رهقا؛ أي: خوفا وذعرا، وكانت العرب في الجاهلية إذا نزلوا في واد نادوا بأعلى أصواتهم: أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه.

قوله: {رَهَقًا} ، أي: ذعرا وخوفا، بل الرهق أشد من مجرد الذعر والخوف؛ فكأنهم مع ذعرهم وخوفهم أرهقهم وأضعفهم شيء؛ فالذعر والخوف في القلوب والرهق في الأبدان.

وهذه الآية تدل على أن الاستعاذة بالجن حرام؛ لأنها لا تفيد المستعيذ، بل تزيده رهقا؛ فعوقب بنقيض قصده، وهذا ظاهر؛ فتكون الواو ضمير الجن والهاء ضمير الإنس.

وقيل: إن الإنس زادوا الجن رهقا؛ أي: استكبارا وعتوا، ولكن الصحيح الأول.

قوله: {بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ} ، يستفاد منه أن للجن رجالا، ولهم إناث، وربما يجامع الرجل من الجن الأنثى من بني آدم، وكذلك العكس الرجل من بني آدم قد يجامع الأنثى من الجن، وقد ذكر الفقهاء الخلاف في وجوب الغسل بهذا الجماع.

والفقهاء يقولون في باب الغسل: لو قالت: إن بها جنيا يجامعها كالرجل؛ وجب عليها الغسل، وأما أن الرجل يجامع الأنثى من الجن؛ فقد قيل ذلك، لكن لم أره في كلام أهل العلم، وإنما أساطير تقال، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>