أما الخير؛ فهو مراد لله لذاته، ومفعول له، ويقرب من هذا ما في سورة الجن:{وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا}[الجن:١٠] .
فإذا أصيب الإنسان بمرض؛ فالله لم يرد به الضرر لذاته، بل أراد المرض، وهو يضره، لكن لم يرد ضرره، بل أراد خيرا من وراء ذلك، وقد تكون الحكمة ظاهرة في نفس المصاب، وقد تكون ظاهرة في غيره؛ كما قال الله تعالى:{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}[الأنفال:٢٥] .
فالمهم أنه ليس لنا أن نتحجر حكمة الله؛ لأنها أوسع من عقولنا، لكننا نعلم علم اليقين أن الله لا يريد الضرر لأنه ضرر؛ فالضرر عند الله ليس مرادا لذاته، بل لغيره، ولا يترتب عليه إلا الخير، أما الخير؛ فهو مراد لذاته، ومفعول له، والله أعلم بما أراد بكلامه، لكن هذا الذي يتبين لي.
قوله:{فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} ، أي: لا يستطيع أن يرد فضل الله أبدا، ولو اجتمعت الأمة على ذلك، وفي الحديث:«اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت» .
وعليه؛ فنعتمد على الله في جلب المنافع، ودفع المضار، وبقاء ما أنعم علينا به، ونعلم أن الأمة مهما بلغت من المكر والكيد والحيل لتمنع فضل الله؛ فإنها لا تستطيع.
قوله:{يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ} ، الضمير إما أن يعود إلى الفضل؛ لأنه أقرب، أو إلى الخير؛ لأنه هو الذي يتحدث عنه، ولا يختلف المعنى بذلك.
قوله: من يشاء، كل فعل مقيد بالمشيئة؛ فإنه مقيد بالحكمة؛ لأن