فإنهم يعطلون أكثر الصفات ولا يعطلون جميعها، بخلاف المعتزلة؛ فالمعتزلة ينكرون الصفات ويؤمنون بالأسماء، هؤلاء عامتهم، وإلا؛ فغلاتهم ينكرون حتى الأسماء، وأما الأشاعرة؛ فهم معطلة اعتبارا بالأكثر؛ لأنهم لا يثبتون من الصفات إلا سبعا، وصفاته تعالى لا تحصى، وإثباتهم لهذه السبع ليس كإثبات السلف؛ فمثلا: الكلام عند أهل السنة أن الله يتكلم بمشيئته بصوت وحرف.
والأشاعرة قالوا: الكلام لازم لذاته كلزومه الحياة والعلم، ولا يتكلم بمشيئته، وهذا الذي يسمع عبارة عن كلام الله وليس كلام الله، بل هو مخلوق؛ فحقيقة الأمر أنهم لم يثبتوا الكلام، ولهذا قال بعضهم: إنه لا فرق بيننا وبين المعتزلة في كلام الله؛ لأننا أجمعنا على أن ما بين دفتي المصحف مخلوق، وحجتهم في إثبات الصفات السبع: أن العقل دل عليها.
وشبهتهم في إنكار البقية: زعموا أن العقل لا يدل عليها.
والرد عليهم بما يلي:
١ - أن كون العقل يدل على الصفات السبع لا يدل على انتفاء ما سواها؛ فإن انتفاء الدليل المعين لا يستلزم انتفاء المدلول؛ فهب أن العقل لا يدل على بقية الصفات، لكن السمع دل عليها؛ فنثبتها بالدليل السمعي.
٢ - أنها ثابتة بالدليل العقلي بنظير ما أثبتم هذه السبع؛ فمثلا: الإرادة ثابتة لله عندهم بدليل التخصيص، حيث إن الله جعل الشمس شمسا، والقمر قمرا، والسماء سماء، والأرض أرضا، وكونه يميز بين ذلك معناه أنه سبحانه وتعالى يريد؛ إذ لولا الإرادة؛ لكانت الدنيا كلها سواء، فأثبتوها لأن العقل دل عليها.
فنقول لهم: الرحمة لا تمضي لحظة على الخلق إلا وهم في نعمة من