قال الله تعالى:{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا}[الإسراء: ٨٨] ؛ أي: معينا، وقال تعالى:{وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}[التحريم: ٤] ؛ أي: معين، أي: ليس لله معين في أفعاله، وبذلك ينتفي عن هذه الأصنام كل ما يتعلق به العابدون؛ فهي لا تملك شيئا على سبيل الانفراد ولا المشاركة ولا الإعانة؛ لأن من يعينك وإن كان غير شريك لك يكون له منة عليك؛ فربما تحابيه في إعطائه ما يريد.
فإذا انتفت هذه الأمور الثلاثة؛ لم يبق إلا الشفاعة، وقد أبطلها الله بقوله:{وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ}[سبأ: ٢٣] ؛ فلا تنفع عند الله الشفاعة لهؤلاء؛ لأن هذه الأصنام لا يأذن الله لها، فانقطعت كل الوسائل والأسباب للمشركين، وهذا من أكبر الآيات الدالة على بطلان عبادة الأصنام؛ لأنها لا تنفع عابديها لا استقلالا ولا مشاركة ولا مساعدة ولا شفاعة؛ فتكون عبادتها باطلة، قال تعالى:{وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}[الأحقاف: ٥] ، حتى ولو كان المدعو عاقلا؛ لقوله:" من "، ولم يقل:"ما"، ثم قال تعالى:{وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ}[الأحقاف: ٦، ٥] ، وكل هذه الآيات تدل على أنه يجب على الإنسان قطع جميع تعلقاته إلا بالله عبادة وخوفا ورجاء واستعانة ومحبة وتعظيما؛ حتى يكون عبدا لله حقيقة، يكون هواه وإرادته وحبه وبغضه وولاؤه ومعاداته لله وفي الله؛ لأنه مخلوق للعبادة فقط، قال تعالى:{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون: ١١٥] ؛ أي: لا نأمركم ولا ننهاكم، إذ لو خلقناكم فقط للأكل والشرب والنكاح؛ لكان ذلك عين العبث، ولكن هناك شيء وراء ذلك، وهو عبادة الله سبحانه في هذه الدنيا.