«فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك".
فأنزل الله عز وجل:{مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} » [التوبة: ١١٣] .
ــ
لك بها عند الله.
قوله:" فأعادا عليه "، أي قولهما: أترغب عن ملة عبد المطلب.
قوله:" فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لأستغفرن لك ... إلخ" جملة " لأستغفرن لك " مؤكدة بثلاث مؤكدات: القسم، واللام، ونون التوكيد الثقيلة.
والاستغفار: طلب المغفرة، وكأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في نفسه شيء من القلق، حيث قال:" ما لم أنه عنك "؛ فوقع الأمر كما توقع ونهى عنه.
قوله:" ما لم أنه عنك "، فعل مضارع مبني للمجهول، والناهي عنه هو الله.
قوله " ما كان "، ما: نافية، وكان فعل ماض ناقص.
قوله:" {أَنْ يَسْتَغْفِرُوا} "، أن وما دخلت عليه في تأويل مصدر اسم كان مؤخر.
قوله:" للنبي "، خبر مقدم؛ أي: ما كان استغفاره.
واعلم أن ما كان أو ما ينبغي أو لا ينبغي ونحوها، إذا جاءت في القرآن والحديث؛ فالمراد أن ذلك ممتنع غاية الامتناع؛ كقوله تعالى:{مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ}[مريم: ٣٥] ، وقوله:{وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا}[مريم: ٩٢] ، وقوله:{لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ}[يس: ٤٠] ، وقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام» .