وفي هذا التفسير إشكال، حيث قال:" هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح "، وظاهر القرآن أنها قبل نوح، قال تعالى:{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ}[نوح: ٢١-٢٣] ؛ ظاهر الآية الكريمة: أن قوم نوح كانوا يعبدونها، ثم نهاهم نوح عن عبادتها، وأمرهم بعبادة الله وحده، ولكنهم أبوا وقالوا:{لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ} ، وهذا "أعني: القول بأنهم قبل نوح " قول محمد بن كعب ومحمد بن قيس، وهو الراجح لموافقته ظاهر القرآن.
ويحتمل -وهو بعيد- أن هذا في أول رسالة نوح، وأنه استجاب له هؤلاء الرجال وآمنوا به، ثم بعد ذلك ماتوا قبل نوح ثم عبدوهم، لكن هذا بعيد حتى من سياق الأثر عن ابن عباس.
فالمهم أن تفسير الآية أن يقال: هذه أصنام في قوم نوح كانوا رجالا صالحين، فطال على قومهم الأمد، فعبدوهم.
قوله:" أوحى الشيطان "، أي: وحي وسوسة، وليس وحي إلهام.
قوله:" أن انصبوا إلى مجالسهم "، الأنصاب: جمع نصب، وهو كل ما ينصب من عصا أو حجر أو غيره.
قوله:" وسموها بأسمائهم "، أي: ضعوا أنصابا في مجالسهم، وقولوا: هذا ود، وهذا سواع، وهذا يغوث، وهذا يعوق، وهذا نسر؛ لأجل إذا رأيتوهم تتذكروا عبادتهم فتنشطوا عليها، هكذا زين لهم الشيطان، وهذا غرور ووسوسة من الشيطان كما قال لآدم:{هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى}[طه: ١٢٠] .
وإذا كان العبد لا يتذكر عبادة الله إلا برؤية أشباح هؤلاء؛ فهذه عبادة