للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: «إنما أنا عبد» ، أي: ليس لي حق من الربوبية، ولا مما يختص به الله -عز وجل- أبدا.

قوله: «فقولوا عبد الله ورسوله» ، هذان الوصفان أصدق وصف وأشرفه في الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فأشرف وصف للإنسان أن يكون من عباد الله، قال تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا} [الفرقان: ٦٣] ، وقال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ} [الصافات: ١٧١] ؛ فوصفهم الله بالعبودية قبل الرسالة مع أن الرسالة شرف عظيم، لكن كونهم عبادا لله -عز وجل- أشرف وأعظم، وأشرف وصف له وأحق وصف به، ولهذا يقول الشاعر في محبوبته:

لا تدعني إلا بيا عبدهم ... فإنه أشرف أسمائي

أي: أنت إذا أردت أن تكلمني قل: يا عبد فلانة؛ لأنه أشرف أسمائي وأبلغ في الذل.

فمحمد -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عبد لا يعبد، ورسول لا يكذب، ولهذا نقول في صلاتنا عندما نسلم عليه ونشهد له بالرسالة: وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ فهذا أفضل وصف اختاره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لنفسه.

واعلم أن الحقوق ثلاثة أقسام، وهي:

الأول: حق لله لا يشرك فيه غيره: لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل، وهو ما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات.

الثاني: حق خاص للرسل، وهو إعانتهم وتوقيرهم وتبجيلهم بما يستحقون.

الثالث: حق مشترك، وهو الإيمان بالله ورسله، وهذه الحقوق موجودة في الآية الكريمة، وهي قوله تعالى: {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} ؛ فهذا حق

<<  <  ج: ص:  >  >>