للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأجاب قائلا: نعم، قد يخفف؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مر بقبرين، فقال: " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، بلى إنه كبير؛ أما أحدهما: فكان لا يستبرئ "، أو قال: " لا يستتر من البول، وأما الآخر: فكان يمشي بالنميمة "، ثم أخذ جريدة رطبة، فشقها نصفين، فغرز في كل قبر واحدة، وقال: " لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» ، وهذا دليل على أنه قد يخفف العذاب، ولكن ما مناسبة هاتين الجريدتين لتخفيف العذاب عن هذين المعذبين؟ .

١ - قيل: لأنهما أي الجريدتين تسبحان ما لم تيبسا، والتسبيح يخفف من العذاب على الميت، وقد فرعوا على هذه العلة المستنبطة - التي قد تكون مستبعدة - أنه يسن للإنسان أن يذهب إلى القبور، ويسبح عندها من أجل أن يخفف عنها.

٢ - وقال بعض العلماء: هذا التعليل ضعيف؛ لأن الجريدتين تسبحان سواء كانتا رطبتين أم يابستين؛ لقوله تعالى- {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ} . وقد سمع تسبيح الحصى بين يدي الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع أن الحصى يابس، إذن ما العلة؟ .

العلة: أن الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ترجى من الله - عز وجل - أن يخفف عنهما من العذاب ما دامت هاتان الجريدتان رطبتين؛ يعني أن المدة ليست طويلة، وذلك من أجل التحذير عن فعلهما؛ لأن فعلهما كبير، كما جاء في الرواية: " بلى إنه كبير "، أحدهما: لا يستبرئ من البول، وإذا لم يستبرئ من البول صلى بغير طهارة، والآخر: يمشي بالنميمة، يفسد بين عباد الله - والعياذ بالله - ويلقي بينهم العداوة، والبغضاء، فالأمر كبير، وهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>