فإن قيل: إن للاحتفال بمولده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أصلا من السنة، وهو أن «النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سئل عن صوم يوم الاثنين؛ فقال: "ذاك يوم ولدت فيه، وبعثت فيه، أو أنزل علي فيه» ، وكان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصومه مع الخميس ويقول:«إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله؛ فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم» . (١)
فالجواب على ذلك من وجوه:
الأول: أن الصوم ليس احتفالا بمولده كاحتفال هؤلاء، وإنما هو صوم وإمساك، أما هؤلاء الذين يجعلون له الموالد؛ فاحتفالهم على العكس من ذلك.
فالمعنى: أن هذا اليوم إذا صامه الإنسان؛ فهو يوم مبارك حصل فيه هذا الشيء، وليس المعنى أننا نحتفل بهذا اليوم.
الثاني: أنه عمل فرض أن يكون هذا أصلا؛ فإنه يجب أن يقتصر فيه على ما ورد؛ لأن العبادات توقيفية، ولو كان الاحتفال المعهود عند الناس اليوم مشروعا لبينه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إما بقوله، أو فعله، أو إقراره.
الثالث: أن هؤلاء الذين يحتفلون بمولد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يقيدونه بيوم الاثنين، بل في اليوم الذي زعموا مولده فيه، وهو اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول، مع أن ذلك لم يثبت من الناحية التاريخية، وقد حقق بعض الفلكيين المتأخرين ذلك؛ فكان في اليوم التاسع لا في اليوم الثاني عشر.
الرابع: أن الاحتفال بمولده على الوجه المعروف بدعة ظاهرة؛ لأنه لم
(١) الترمذي: كتاب الصوم/ باب ما جاء في صوم الاثنين والخميس، ٣/٩٤، وقال: (حديث حسن غريب) .