للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كمن يجيز الكذب والغش ويدعي أنه مصلحة، أما لو كان جاهلا فإنه لا يأثم؛ لأن جميع المعاصي لا يأثم بها إلا مع العلم، وقد يثاب على حسن قصده، وقد نبه على ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (اقتضاء الصراط المستقيم) ؛ فيثاب على نيته دون عمله، فعمله هذا غير صالح ولا مقبول عند الله ولا مرض، لكن لحسن نيته مع الجهل يكون له أجر، ولهذا «قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للرجل الذي صلى وأعاد الوضوء بعدما وجد الماء وصلى ثانية: لك الأجر مرتين» (١) ؛ لحسن قصده، ولأن عمله عمل صالح في الأصل، لكن لو أراد أحد أن يعمل العمل مرتين مع علمه أنه غير مشروع؛ لم يكن له أجر؛ لأن عمله غير مشروع لكونه خلاف السنة؛ فقد «قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للذي لم يعد: (أصبت السنة» .

فإن قال: إني أريد بهذه البدعة إحياء الهمم والتنشيط وما أشبه ذلك.

أجيب: بأن هذه الإرادة طعن في رسالة الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأنه اتهام له بالتقصير أو القصور، أي مقصر في الإخبار عن ذلك أو قاصر في العلم، وهذا أمر عظيم وخطر جسيم؛ ولأن هذا لم يكن عليه الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا خلفاؤه الراشدون، أما إذا كان حسن القصد، ولم يعلم أن هذا بدعة؛ فإنه يثاب على نيته ولا يثاب على عمله؛ لأن عمله شر حابط كما قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد» .


(١) سنن أبو داود: كتاب الطهارة/باب في المتيمم يجد الماء بعد ما صلى، والحاكم (١/١٧٩) ، وصححه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وصححه الألباني، صحيح أبي داود (١/٦٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>