يشركوا؛ لأنهم فعلوا وسيلة من وسائل الشرك، والوسائل لها أحكام المقاصد، لكنها تعطى حكمها بالمعنى العام، فإن كانت وسيلة لواجب صارت واجبة، وإن كانت وسيلة لمحرم؛ فهي محرمة.
فشر الناس في هذا الحديث ينقسمون إلى صنفين:
الأول: الذين تدركهم الساعة وهم أحياء.
الثاني: الذين يتخذون القبور مساجد.
وفي قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إن من شرار الناس» دليل على أن الناس يتفاوتون في الشر؛ لأن بعضهم أشد من بعض فيه، كما أنهم يتفاوتون في الخير أيضا؛ لقوله تعالى:{هُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}[آل عمران: ١٦٣] ، وذلك من حيث الكمية، فمن صلى ركعتين؛ فليس كمن صلى أربعا.
ومن حيث الكيفية، فمن صلى وهو قانت خاشع حاضر القلب؛ ليس كمن صلى وهو غافل.
ومن حيث النوعية، فالفرض أفضل من النفل، وجنس الصلاة أفضل من جنس الصدقة؛ لأن الصلاة أفضل الأعمال البدنية.
وهذا الذي تدل عليه الأدلة مذهب أهل السنة والجماعة، وهو التفاضل في الأعمال، حتى في الإيمان الذي هو في القلب يتفاضل الناس فيه، بل إن الإنسان يحس في نفسه أنه في بعض الأحيان يجد في قلبه من الإيمان ما لا يجده في بعض الأحيان؛ فكيف بين شخص وشخص؟ فهو يتفاضل أكثر.
وخلاصة الباب:
أنه يجب البعد عن الشرك ووسائله، ويغلظ على من عبد الله عند قبر رجل صالح.