للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

موته بخمس قال ما قال؟ ! ثم لما كان في السياق لم يكتف بما تقدم.

وهذا مما يدل على حرص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على حماية جانب التوحيد؛ لأنه خلاصة دعوة الرسل، ولأن التوحيد أعظم الطاعات؛ فالمعاصي ولو كبرت أهون من الشرك، حتى قال ابن مسعود: (لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا) ؛ لأن الحلف بغيره نوع من الشرك، والحلف بالله كاذبا معصية، وهي أهون من الشرك.

فالشرك أمره عظيم جدا، ونحن نحذر إخواننا المسلمين مما هم عليه الآن من الانكباب العظيم على الدنيا حتى غفلوا عما خلقوا له، واشتغلوا بما خلق لهم؛ فعامة الناس الآن تجدهم مشتغلين بالدنيا، وليس في أفكارهم إلا الدنيا قائمين وقاعدين ونائمين ومستيقظين، وهذا في الحقيقة نوع من الشرك؛ لأنه يوجب الغفلة عن الله عز وجل، ولهذا سمى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من فعل ذلك عبدا لما تعبد له، فقال: «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد الخميلة» ، ولو أقبل العبد على الله بقلبه وجوارحه لحصل ما قدر له من الدنيا؛ فالدنيا وسيلة وليست غاية، وتعس من جعلها غاية، كيف تجعلها غاية وأنت لا تدري مقامك فيها؟ ! وكيف تجعلها غاية وسرورها مصحوب بالأحزان؛ كما قال الشاعر:

فيوم علينا ويوم لنا ... ويوم نساء ويوم نسر

فالحاصل: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث لتحقيق عبادة الله، ولهذا كان حريصا على

<<  <  ج: ص:  >  >>