النساء أو لا؟ وإذا قلنا بالدخول - وهو الصحيح - فإن دخولهن في هذا الخطاب من باب دخول أفراد العام بحكم يخالف العام، وهنا نقول: قد خص النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النساء من هذا الحكم، فأمره بالزيارة للرجل فقط؛ لأن النساء أخرجن بالتخصيص من هذا العموم بلعن الزائرات، وأيضا مما يبطل النسخ قوله:«لعن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج» ، ومن المعلوم أن قوله:«والمتخذين عليها المساجد والسرج» لا أحد يدعي أنه منسوخ، والحديث واحد؛ فادعاء النسخ في جانب منه دون آخر غير مستقيم، وعلى هذا يكون الحديث محكما غير منسوخ.
٢ - العلم بالتأريخ، وهنا لم نعلم التأريخ؛ لأن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يقل:
كنت لعنت من زار القبور، بل قال: كنت نهيتكم، والنهي دون اللعن.
وأيضا قوله:(كنت نهيتكم) خطاب للرجال، ولعن زائرات القبور خطاب للنساء؛ فلا يمكن حمل خطاب الرجال على خطاب النساء، إذا؛ فالحديث لا يصح فيه دعوى النسخ.
وثانيا: وأما الجواب عن حديث المرأة وحديث عائشة؛ أن المرأة لم تخرج للزيارة قطعا، لكنها أصيبت، ومن عظم المصيبة عليها لم تتمالك نفسها لتبقى في بيتها، ولذلك خرجت وجعلت تبكي عند القبر مما يدل على أن في قلبها شيئا عظيما لم تتحمله حتى ذهبت إلى ابنها وجعلت تبكي عند القبر، ولهذا أمرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن تصبر؛ لأنه علم أنها لم تخرج للزيارة، بل خرجت لما في قلبها