للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

، فمنطوق الآية رفع الجناح عن المؤمنين فيما طعموه، ومفهومها وقوع الجناح على الكافرين فيما طعموه، وكذلك قوله- تعالى-: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} ، فإن قوله: {قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} . دليل على أن غير المؤمن ليس له حق في أن يستمتع بها في الدنيا.

أقول: ليس له حق شرعي، أما الحق بالنظر إلى الأمر الكوني وهو أن الله - سبحانه وتعالى- خلقها، وانتفع بها هذا الكافر، فهذا أمر لا يمكن إنكاره، فهذا دليل على أن الكافر يحاسب حتى على ما أكل من المباحات وما لبس، وكما أن هذا مقتضى الأثر فإنه مقتضى النظر، إذ كيف يحق لهذا الكافر العاصي لله الذي لا يؤمن به كيف يحق له عقلا أن يستمتع بما خلقه الله - عز وجل - وما أنعم الله به على عباده، وإذ تبين لك هذا، فإن الكافر يحاسب يوم القيامة على عمله، ولكن حساب الكافر يوم القيامة ليس كحساب المؤمن؛ لأن المؤمن يحاسب حسابا يسيرا، يخلو به الرب - عز وجل - ويقرره بذنوبه حتى يعترف، ثم يقول له -سبحانه وتعالى-: «قد سترتها عليك في الدنيا، وأنا أغفرها لك اليوم» .

أما الكافر - والعياذ بالله - فإن حسابه أن يقرر بذنوبه، ويخزى بها على رءوس الأشهاد: {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} .

<<  <  ج: ص:  >  >>