للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كذلك حصول المطلوب، قد يكون الله - عز وجل - منعه حتى نسأل، لكن من الأشياء ما لا تقتضي الحكمة وجوده، وحينئذ يجازى الداعي بما هو أكمل، أو يؤخر له ويدخر له عند الله عز وجل، أو يصرف عنه من السوء ما هو أعظم، والدعاء إذا تمت فيه شروط القبول ولم يجب؛ فإننا نجزم بأنه ادخر له.

وقوله: «وإني أعطيتك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة بعامة» هذه واحدة.

والثانية: قوله: «أن لا أسلط عليهم من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من بأقطارها حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا» .

وهذه الإجابة قيدت بقوله: «حتى يكون بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا» إذا وقع ذلك منهم؛ فقد يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم؛ فكأن إجابة الله لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الجملة الأولى بدون استثناء، وفي الجملة الثانية باستثناء (حتى يكون بعضهم) .

وهذه هي الحكمة من تقديم قوله: «إذا قضيت قضاء؛ فإنه لا يرد» ؛ فصارت إجابة الله لرسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مقيدة.

ومن نعمة الله أن هذه الأمة لن تهلك بسنة بعامة أبدا؛ فكل من يدين بدين الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإنه لن يهلك، وإن هلك قوم في جهة بسنة؛ فإنه لا يهلك الآخرون.

فإذا صار بعضهم يقتل بعضا، ويسبي بعضهم بعضا؛ فإنه يسلط عليهم عدوا من سوى أنفسهم، وهذا هو الواقع؛ فالأمة الإسلامية حين كانت أمة واحدة عونا في الحق ضد الباطل كانت أمة مهيبة، ولما تفرقت وصار بعضهم يهلك بعضا ويسبي بعضهم بعضا؛ سلط الله عليهم عدوا من سوى أنفسهم، وأعظم

<<  <  ج: ص:  >  >>