وبين صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الشرك أعظم ما يكون من الجناية والجرم بقوله حين سئل: أي الذنب أعظم: (أن تجعل لله ندا وهو خلقك) .
فالذي خلقك وأوجدك وأمدك وأعدك ورزقك كيف تجعل له ندا؟ فلو أن أحدا من الناس أحسن إليك بما دون ذلك، فجعلت له نظيرا؛ لكان هذا الأمر بالنسبة إليه كفرا وجحودا.
قوله:(والسحر) ؛ أي: من الموبقات، وظاهر كلام النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لا فرق بين أن يكون ذلك بواسطة الشياطين، أو بواسطة الأدوية والعقاقير.
لأنه إن كان بواسطة الشياطين؛ فالذي لا يأتي إلا بالإشراك بهم؛ فهو داخل في الشرك بالله.
وإن كان دون ذلك؛ فهو أيضا جرم عظيم؛ لأن السحر من أعظم ما يكون في الجناية على بني آدم؛ فهو يفسد على المسحور أمر دينه ودنياه، ويقلقه فيصبح كالبهائم، بل أسوأ من ذلك؛ لأن البهيمة خلقت هكذا على طبيعتها، أما الآدمي؛ فإنه إذا صرف عن طبيعته وفطرته لحقه من الضيق والقلق ما لا يعلمه إلا رب العباد، ولهذا كان السحر يلي الشرك بالله - عز وجل.
قوله:(وقتل النفس) ؛ القتل: إزهاق الروح، والمراد بالنفس: البدن الذي فيه الروح، والمراد بالنفس هنا: نفس الآدمي وليس البعير والحمار وما أشبهها.