فإنه يجري ربا النسيئة دون ربا الفضل؛ فذهب بفضة متفاضلا مع القبض جائز، وذهب بفضة متساويا مع التأخير ربا لتأخر القبض.
قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فإذا اختلفت هذه الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» .
وقولنا: اتفقا في الغرض والمقصود احترازا مما إذا اختلف الغرض منها.
فالذهب مثلا ثمن للأشياء، والفضة ثمن للأشياء، والبر قوت.
وعلى هذا يجوز بيع صاع من البر بدينار من الذهب مع التفرق وعدم التساوي لاختلاف القصد؛ لأن هذا يقصد به النقد والثمنية، وهذا يقصد به القوت.
فإن قيل: الحديث يدل على أنه لا يصح إلا بالقبض؛ فما هو الجواب؟
نقول: حقيقة إن هذا مقتضى الحديث أنك إذا بعت ذهبا ببر وجب التقابض؛ لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«فإذا اختلفت هذه الأصناف؛ فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» .
والجواب عن هذا أن نقول: قد دلت السنة من وجه آخر على أن القبض ليس بشرط فيما إذا كان أحدهما ثمنا، قال ابن عباس:«قدم النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين، فقال: (من أسلف في شيء؛ فليسلف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم» .
وعلى هذا؛ فحديث:«فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد» لا عموم لمفهومه؛ فلا يشترط القبض في كل صورة من صور المخالفة، وإنما يشترط